قال
ابن إسحاق :
وحدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حصين أنه أتى كلبا في منازلهم إلى بطن منهم يقال لهم بنو عبد الله فدعاهم إلى الله وعرض عليهم نفسه حتى إنه ليقول لهم
يا بني عبد الله إن الله عز وجل قد أحسن اسم أبيكم
فلم يقبلوا منه ما عرض عليهم
العرض على بني حنيفة وحدثني بعض أصحابنا عن
عبد الله بن كعب بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بني حنيفة في منازلهم فدعاهم إلى الله وعرض عليهم نفسه فلم يكن
أحد من
العرب أقبح عليه ردا منهم .
العرض على بني عامر وحدثني
الزهري أنه أتى بني عامر بن صعصعة فدعاهم إلى الله عز وجل وعرض عليهم نفسه فقال له رجل منهم - يقال له بيحرة بن فراس .
قال
ابن هشام : فراس بن
عبد الله بن سلمة بن قشير بن كعب بن
ربيعة بن عامر بن صعصعة والله لو أني أخذت هذا الفتى من
قريش ، لأكلت به
العرب ، ثم قال أرأيت إن نحن تابعناك على أمرك ، ثم أظهرك الله على من خالفك ، أيكون لنا الأمر من بعدك ؟
قال
الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء
قال فقال له أفنهدف نحورنا للعرب دونك ، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا لا حاجة لنا بأمرك ، فأبوا عليه
فلما صدر الناس رجعت بنو عامر إلى شيخ لهم قد كانت أدركته السن ، حتى لا يقدر أن يوافي معهم المواسم فكانوا إذا رجعوا إليه حدثوه بما يكون في ذلك الموسم فلما قدموا عليه ذلك العام سألهم عما كان في موسمهم فقالوا : جاءنا فتى من
قريش ، ثم
أحد بني
عبد المطلب ، يزعم أنه نبي ، يدعونا إلى أن نمنعه ونقوم معه ونخرج به إلى بلادنا .
قال فوضع الشيخ يديه على رأسه ثم قال يا بني عامر هل لها من تلاف هل لذناباها من مطلب والذي نفس فلان بيده ما تقولها إسماعيلي قط ، وإنها لحق ، فأين رأيكم كان عنكم
عرض على العرب في المواسم فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك من أمره كلما اجتمع له الناس بالموسم أتاهم يدعو القبائل إلى الله وإلى الإسلام ويعرض عليهم نفسه وما جاء به من الله من الهدى والرحمة وهو لا يسمع بقادم يقدم
مكة من
العرب له اسم وشرف إلا تصدى له فدعاه إلى الله وعرض عليه ما عنده .
فصل وذكر عرضه نفسه على
كندة ، وهم بنو ثور بن مرة بن أدد بن زيد بن ميسع بن عمرو بن عريب بن زيد بن
كهلان بن
سبأ على
أحد الأقوال بين النسابين في
كندة ،
وسمي
كندة لأنه كند أباه أي عقه وسمى ابنه مرتعا لأنه كان يجعل لمن أتاه من قومه مرتعا ، فهم بنو مرتع بن ثور وقد قيل إن ثورا هو مرتع
وكندة أبوه .
في هذا الكتاب تتمة لفائدته
فصل وذكر غير
ابن إسحاق ما لم يذكر
ابن إسحاق مما رأيت إملاء بعضه في هذا الكتاب تتمة لفائدته .
ذكر قاسم بن ثابت
والخطابي عرضه نفسه على بني ذهل بن ثعلبة ثم على بني شيبان بن ثعلبة فذكر
الخطابي وقاسم جميعا ما كان من كلام أبي بكر مع دغفل بن حنظلة الذهلي زاد قاسم تكملة الحديث فرأينا أن نذكر زيادة قاسم فإنها مما تليق بهذا الكتاب
قال ثم دفعنا إلى مجلس آخر عليهم السكينة والوقار فتقدم أبو بكر فسلم قال علي : وكان أبو بكر مقدما في كل خير فقال ممن القوم فقالوا : من شيبان بن ثعلبة فالتفت أبو بكر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال بأبي أنت وأمي ، هؤلاء غرر في قومهم وفيهم مفروق بن عمرو وهانئ بن
قبيصة ، ومثنى بن حارثة والنعمان بن شريك وكان مفروق بن عمرو قد غلبهم جمالا ولسانا وكانت له غديرتان تسقطان على تريبتيه وكان أدنى القوم مجلسا من أبي بكر
فقال أبو بكر كيف العدد فيكم ؟ قال له مفروق إنا لنزيد على الألف ولن
تغلب ألف من قلة
فقال أبو بكر كيف المنعة فيكم ؟ فقال مفروق علينا الجهد ولكل قوم جد ،
فقال أبو بكر كيف الحرب بينكم وبين عدوكم ؟ فقال مفروق إنا لأشد ما نكون غضبا لحين نلقى ، وإنا لأشد ما نكون لقاء حين نغضب وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد والسلاح على اللقاح والنصر من عند الله يديلنا مرة ويديل علينا ، لعلك أخو
قريش ؟
فقال أبو بكر أوقد بلغكم أنه رسول الله فها هو ذا ، فقال مفروق قد بلغنا أنه يذكر ذلك فإلى م تدعو إليه يا أخا
قريش ؟ فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
أدعو إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأني رسول الله وإلى أن تؤووني ، وتنصروني ، فإن قريشا قد ظاهرت على أمر الله وكذبت رسوله واستغنت بالباطل عن الحق والله هو الغني الحميد
فقال مفروق دعوت والله يا أخا
قريش إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والله لقد أفك قوم كذبوك ، وظاهروا عليك ، وكأنه أراد أن يشركه في الكلام هانئ بن
قبيصة ، فقال وهذا هانئ بن
قبيصة شيخنا ، وصاحب ديننا ، فقال هانئ قد سمعت مقالتك يا أخا
قريش ، وإني أرى أن تركنا ديننا واتباعنا إياك على دينك لمجلس جلسته إلينا ليس له أول ولا آخر زلة في الرأي وقلة نظر في العاقبة وإنما تكون الزلة مع العجلة ومن ورائنا قوم نكره أن نعقد عليهم عقدا ، ولكن ترجع ونرجع وتنظر وننظر وكأنه أحب أن يشركه في الكلام المثنى ، فقال وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب حربنا ، فقال المثنى : قد سمعت مقالتك يا أخا
قريش ،
والجواب هو جواب هانئ بن
قبيصة في تركنا ديننا ، واتباعنا إياك لمجلس جلسته إلينا ليس له أول ولا آخر وإنا إنما نزلنا بين صريان
اليمامة والسماوة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ما هذان الصريان ؟
فقال أنهار كسرى ، ومياه
العرب ، فأما ما كان من أنهار كسرى ، فذنب صاحبيه غير مغفور وعذره غير مقبول وأما ما كان من مياه
العرب ، فذنبه مغفور وعذره مقبول وإنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى أن لا نحدث حدثا ولا نؤوي محدثا ، وإني أرى هذا الأمر الذي تدعونا إليه هو مما تكرهه الملوك فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه
العرب ، فعلنا
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق وإن دين الله لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله أرضهم وأموالهم ويفرشكم نساءهم أتسبحون الله وتقدسونه
قال ثم دفعنا إلى مجلس
الأوس والخزرج ، فما نهضنا حتى بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا صدقاء صبراء وروى في حديث مسند إلى طارق قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين رأيته بسوق ذي المجاز يعرض نفسه على القبائل يقول
يا أيها الناس قولوا : لا إله إلا الله تفلحوا
وخلفه رجل له غديرتان يرجمه بالحجارة حتى أدمى كعبيه يقول يا أيها الناس لا تسمعوا منه فإنه كذاب فسألت عنه فقيل هو غلام
عبد المطلب ، قلت : ومن الرجل يرجمه ؟ فقيل لي : هو عمه
عبد العزى أبو لهب وذكر الحديث بطوله . خرجه
الدارقطني ، ووقع أيضا في السيرة من رواية يونس