فاستمعوا له فلما فرغ من صلاته ولوا إلى قومهم منذرين قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا . فقص الله خبرهم عليه صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل
إلى آخر القصة من خبرهم في هذه السورة .
فصل وذكر حديث وفد جن نصيبين وما أنزل الله فيهم وقد أملينا أول المبعثين من هذا الكتاب طرفا من أخبارهم وبينا هنالك أسماءهم ونصيبين مدينة بالشام أثنى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم . روي أنه قال
رفعت إلي نصيبين حتى رأيتها فدعوت الله أن يعذب نهرها ، وينضر شجرها ، ويطيب ثمرها
أو قال
ويكثر ثمرها
وتقدم في أسمائهم ما ذكره ابن دريد . قال هم منشي وماشي وشاصر وماصر والأحقب ، ولم يزد على تسمية هؤلاء وقد ذكرنا تمام أسمائهم فيما تقدم وفي الصحيح
أن الذي أذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجن ليلة
الجن شجرة وأنهم سألوه الزاد فقال كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في يد أحدهم . أوفر ما يكون لحما ، وكل بعر علف لدوابهم
. زاد ابن سلام في تفسيره أن البعر يعود خضرا لدوابهم ثم
نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يستنجى بالعظم والروث وقال إنه زاد إخوانكم من
الجن ولفظ الحديث في كتاب مسلم كما قدمناه
كل عظم ذكر اسم الله عليه
ولفظه في كتاب أبي داود
كل عظم لم يذكر اسم الله عليه
وأكثر الأحاديث تدل على معنى رواية أبي داود وقال بعض العلماء رواية مسلم في
الجن المؤمنين والرواية الأخرى في حق الشياطين منهم وهذا قول صحيح تعضده الأحاديث إلا أنا نكره الإطالة وفي هذا رد على من زعم أن
الجن لا يأكل ولا يشرب وتأولوا قوله - عليه السلام
إن الشيطان يأكل بشماله ، ويشرب بشماله
على غير ظاهره وهم ثلاثة أصناف كما جاء في حديث آخر صنف على
صور الحيات وصنف على
صور الكلاب سود وصنف ريح طيارة أو قال هفافة ذوو أجنحة وزاد بعض الرواة في الحديث وصنف يخلون ويظعنون وهم السعالي ، ولعل هذا الصنف الطيار هو الذي لا يأكل ولا يشرب إن صح القول المتقدم والله أعلم . وروينا في حديث سمعته يقرأ على الشيخ الحافظ أبي بكر بن العربي بسنده إلى
جابر بن عبد الله ، قال بينا أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نمشي إذ جاءت حية فقامت إلى جنبه وأدنت فاها من أذنه وكانت تناجيه أو نحو هذا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم نعم فانصرفت قال جابر فسألته ، فأخبرني أنه رجل من
الجن ، وأنه قال له مر أمتك لا يستنجوا بالروث ولا بالرمة فإن الله جعل لنا في ذلك رزقا