قال
ابن هشام : حدثنا
زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال ثم أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من
المسجد الحرام إلى [url=http://sirah.al-islam.com/places.asp?p=%c7%e1%e3%d3%cc%cf% %c7%e1%c3%de%d5%ec]المسجد الأقصى [/url]، وهو
بيت المقدس من
إيلياء ، وقد فشا الإسلام بمكة في
قريش ، وفي القبائل كلها .
قال
ابن إسحاق : كان من الحديث فيما بلغني عن مسراه - صلى الله عليه وسلم - عن
عبد الله بن مسعود ، وأبي سعيد الخدري وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم
ومعاوية بن أبي سفيان ، والحسن بن أبي
الحسن البصري ، وابن
شهاب الزهري ،
وقتادة وغيرهم من أهل العلم
وأم هانئ بنت أبي طالب ، ما اجتمع في هذا الحديث كل يحدث عنه بعض ما ذكر من أمره حين أسري به - صلى الله عليه وسلم - وكان في مسراه وما ذكر عنه بلاء وتمحيص وأمر من أمر الله في قدرته وسلطانه فيه عبرة لأولي الألباب وهدى ورحمة وثبات لمن آمن وصدق وكان من أمر الله سبحانه وتعالى على يقين فأسري به كيف شاء ليريه من آياته ما أراد حتى عاين ما عاين من أمره وسلطانه العظيم وقدرته التي يصنع بها ما يريد .
راوية ابن مسعود
فكان
عبد الله بن مسعود - فيما بلغني عنه - يقول
أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبراق - وهي الدابة التي كانت تحمل عليها الأنبياء قبله تضع حافرها في منتهى طرفها - فحمل عليها ، ثم خرج به صاحبه يرى الآيات فيما بين السماء والأرض حتى انتهى إلى
بيت المقدس ، فوجد فيه
إبراهيم الخليل وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء قد جمعوا له فصلى بهم . ثم أتي بثلاثة آنية إناء فيه لبن وإناء فيه خمر وإناء فيه ماء قال . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فسمعت قائلا يقول حين عرضت علي إن أخذ الماء غرق وغرقت أمته وإن أخذ الخمر غوى ، وغوت أمته وإن أخذ اللبن هدي وهديت أمته . قال فأخذت إناء اللبن فشربت منه فقال لي
جبريل عليه السلام : هديت وهديت أمتك يا محمد
حديث الحسن
قال
ابن إسحاق : وحدثت عن الحسن أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
بينا أنا نائم في الحجر ، إذ جاءني جبريل فهمزني بقدمه فجلست فلم أر شيئا ، فعدت إلى مضجعي ، فجاءني الثانية فهمزني بقدمه فجلست فلم أر شيئا ، فعدت إلى مضجعي ، فجاءني الثالثة فهمزني بقدمه فجلست ، فأخذ بعضدي ، فقمت معه فخرج إلى باب المسجد فإذا دابة أبيض ، بين البغل - والحمار - في فخذيه جناحان يحفر بهما رجليه يضع يده في منتهى طرفه فحملني عليه ثم خرج معي لا يفوتني ولا أفوته
قال
ابن إسحاق ، وحدثت عن
قتادة أنه قال حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لما دنوت منه لأركبه شمس فوضع جبريل يده على معرفته ثم قال ألا تستحي يا براق مما تصنع فوالله ما ركبك عبد لله قبل محمد أكرم على الله منه . قال فاستحيا حتى ارفض عرقا ، ثم قر حتى ركبته
شرح ما في حديث الإسراء من المشكل
اتفقت الرواة على تسميته إسراء ولم يسمه
أحد منهم سرى ، وإن كان أهل اللغة قد قالوا : سرى وأسرى بمعنى واحد فدل على أن أهل اللغة لم يحققوا العبارة وذلك أن القراء لم يختلفوا في التلاوة من قوله
سبحان الذي أسرى بعبده ولم يقل سرى ، وقال
والليل إذا يسر ولم يقل يسري ، فدل على أن السرى من سريت إذا سرت ليلا ، وهي مؤنثة تقول طالت سراك الليلة والإسراء متعد في المعنى ، ولكن حذف مفعوله كثيرا حتى ظن أهل اللغة أنهما بمعنى واحد لما رأوهما غير متعديين إلى مفعول في اللفظ وإنما أسرى بعبده أي جعل البراق يسري ، كما تقول أمضيته ، أي جعلته يمضي ، لكن كثر حذف المفعول لقوة الدلالة عليه أو للاستغناء عن ذكره إذ المقصود بالخبر ذكر محمد لا ذكر الدابة التي سارت به وجاز في قصة
لوط عليه السلام . أن يقال له فأسر بأهلك : أي فاسر بهم وأن يقرأ فأسر بأهلك بالقطع أي فأسر بهم ما يتحملون عليه من دابة أو نحوها ، ولم يتصور ذلك في السرى بالنبي صلى الله عليه وسلم إذ لا يجوز أن يقال سرى بعبده بوجه من الوجوه فلذلك لم تأت التلاوة إلا بوجه واحد في هذه القصة فتدبره . وكذلك تسامح النحويون أيضا في الباء والهمزة وجعلوهما بمعنى واحد في حكم التعدية ولو كان ما قالوه أصلا لجاز في : أمرضته أن تقول مرضت به وفي أسقمته : أن تقول سقمت به وفي أعميته أن تقول عميت به قياسا علي أذهبته وأذهبت به ويأبى الله ذلك والعالمون فإنما الباء تعطي مع التعدية طرفا من المشاركة في الفعل ولا تعطيه الهمزة فإذا قلت : أقعدته ، فمعناه جعلته يقعد ولكنك شاركته في القعود فجذبته بيدك إلى الأرض أو نحو ذلك فلا بد من طرف من المشاركة إذا قعدت به ودخلت به وذهبت به بخلاف أدخلته وأذهبته .
وفي مثل النور والسمع والبصر يحسن أن يقال هي بيده فحسن على هذا أن يقال : ذهب به وأما أسرى بعبده فإن دخول الباء فيه ليس من هذا القبيل فإنه فعل يتعدى إلى مفعول وذلك المفعول المسرى هو الذي سرى بالعبد فشاركه بالسرى ، كما قدمنا في قعدت به أنه يعطى المشاركة في الفعل أو في طرف منه فتأمله