زراعة الأعضاء هي عملية إزالة العضو المصاب أو التالف من جسم الشخص "المتلقي" واستبداله بآخر سليم من شخص آخر متبرع، ويقوم الجراحون المتخصصون بزراعة ووصل العضو المتبرع به السليم داخل جسم الملقي
تمكن الأطباء في بريطانيا من إجراء عمليات زراعة لأعضاء بشرية دون استخدام العقارات الكابحة للمناعة في الجسم
وتعتبر هذه العقارات مهمة لأنها تمنع رفض الجسم للعضو الجديد لكنها تترك آثارا سلبية كبيرة على جسم المريض
وقد قام البروفيسور السير روي كالن، وهو من أهم جراحي زراعة الأعضاء في بريطانيا، بتطوير عمليات جراحية جديدة، أُجريت بنجاح لثلاثين مريضا حتى الآن
وقال البروفيسور كالن لمراسل هيئة الإذاعة البريطانية العلمي، بالاب جوش، إن التقنية الجديدة سوف تستخدم في كل أنحاء البلد خلال عام من الآن
الأجسام الغريبة
عندما يتم زرع عضو غريب في جسم المريض فإن جهاز المناعة في الجسم يهاجم هذا العضو ظانا أنه مضر بالجسم. ولهذا السبب فإن الجراحين يلجأون لوصف عقارات قوية لكبح قدرة الجهاز المناعي بعد إجراء العملية
يلجأ المرضى إلى تناول عشرات الحبوب لجعل الجسم يتقبل العضو المزروع
|
خضعت المريضة وندي بيكر قبل عامين لعلمية زرع كلية جديدة لها، وكانت مضطرة لتناول عشرين حبة في اليوم، البعض منها لمنع قيام الجسم برفض العضو المزروع حديثا، والبعض الآخر لمحاربة الأعراض الجانبية غير المرغوب بها الناتجة عن تناول العقارات المضادة للرفض
غير أن تلك العقارات جعلت السيدة بيكر أكثر عرضة للأمراض، وزادت من مخاطر إصابتها بأمراض السرطان وهشاشة العظام الذي يتسبب في إضعاف العظام. لكن هذا هو الثمن الذي عليها أن تدفعه لاقتناء كليتها الجديدة التي أعطتها عمرا جديدا
وتقول السيدة بيكر إن تلك العقارات تسبب إضافة جديدة للوزن، في رأي النساء، وهي أيضا تؤثر على الجلد فتجعله رقيقا كالورق
وقد تم تطوير التقنية الجديدة، التي لا تعتمد على استخدام العقارات المضادة للرفض، في مستشفى أدنبروكس في كامبريج
في البداية يتم تدمير خلايا المناعة قبل إجراء عملية الزرع من خلال حقن العقار الجديد الذي يجعل الجسم وكأنه يبدأ من جديد. وعندما يتماثل الجسم إلى الشفاء فإنه يتقبل العضو الجديد. وقد يحدث هذا بسبب إيهام الخلايا المناعية الجديدة بأن العضو الجديد كان موجودا أصلا
وقد كانت استجابة معظم المرضى الثلاثين للعمليات الجراحية الجديدة استجابة جيدة جدا
ويقول البروفيسور كالن إنه سعيد جدا بهذا التطور، فهو لم ير من قبل أن مجموعة من المرضى تستجيب إيجابيا بهذا القدر لعلاج بهذه البساطة. ويضيف بأنه كان يحاول تطوير مثل هذا العلاج منذ عام 1959، ويدرس بالدرجة الأولى طرق كبح المناعة، وهو الآن متفائل
جرعة صغيرة
مريض آخر عالجه البروفيسور كالن، هو ديفيد فيل، وهو من أوائل المرضى في العالم الذين استخدموا التقنية الجديدة في العلاج، وبعد عملية زرع الكلية التي أجريت له، فإن الدواء الوحيد الذي يتناوله هو جرعة صغيرة من العقار المضاد للرفض، بل أن حتى هذه الجرعة قد لا تكون ضرورية في المستقبل
ويقول ديفيد فيل إنه يشعر بوضع طبيعي تماما، فهو لم يتناول إلا جرعة صغيرة قبل العملية وأخرى مماثلة بعدها. ويضيف بأنه الآن يأخذ عقار سايكلوسبرين حسب الوصفة التي يقررها الطبيب، وهو يرى أن ذلك سهل جدا، وممل في نفس الوقت!
وتشير الإحصاءات إلى أن 40 في المئة من الكلى المزروعة لم تنجح بسبب رفض الجسم لها، لكن استخدام التقنية الجديدة سوف يقلص هذا الرقم إلى النصف، مما يوفر ضياع أعضاء يحتاجها مرضى آخرون حاجة ماسة. وإذا ما استخدمت تلك الأعضاء في عمليات جديدة فإن عددا كبيرا من المرضى قد يتمكنون كل عام من إجراء عمليات زرع أعضاء في أجسامهم بنجاح