علمت «السبيل» من مصادر موثوقة ان شركات امريكية عاملة في مجال توظيف وتشغيل العاطلين عن العمل عمدت مؤخرا وعبر مؤسسة تسويق الكفاءات الخاضعة لاشراف وزارة العمل على ابرام عقود عمل في مجال الخدمات مع اكثر من 150 شاباً اردنياً للعمل في القواعد الامريكية العسكرية في العراق - ضمن اكثر البؤر العسكرية احتداما وخطرا - وانها بصدد رفع عدد العقود المبرمة مع الشباب الاردني الى ما يزيد عن 5 الاف عامل.
وقالت تلك المصادر لـ «السبيل» ان من بين تلك الشركات شركة تحمل اسم support services worldwide ليس لها مقر في الاردن وغير مسجلة لدى وزارة الصناعة والتجارة وليس هناك من سلطة فعلية قادرة على محاسبتها وملاحقتها في حال اخلالها باي من شروط عقد العمل، وانها تستخدم غطاء مؤسسة تسويق الكفاءات عبر اتفاقيات خاصة لتسيير شؤونها في التعاقد مع الراغبين في العمل هناك.
ونفذ اكثر من 30 عاملا ممن تعاقدت معهم هذه الشركة وذهبوا للعراق اعتصاما امام مقر مؤسسة تسويق الكفاءات على خلفية التغرير بهم وتعريض حياتهم للخطر فضلا عن مخالفتها لشروط العقد المبرم معهم او الاعتراف بحق تعويضهم.
وقال عبدالله املي المتحدث باسم المعتصمين لـ«السبيل»: «تقدمنا لشغل هذه الوظيفة التي نندم عليها من حيث المبدأ والتي لم نجد للمغريات التي تقدمها امام حال البطالة التي يعيشها الشباب غير الالتحاق بها رغم كرهنا ومعارضتنا الشديدة للامريكان وسياستهم لكنها قلة الحيلة وجور الظروف». مضيفا «مؤسسة تسويق الكفاءات وضعت اعلانا للراغبين لشغل وظيفة طهاة وطباخين ومشرفين وعمال بعد تعاقدها في ذلك واتفاقها مع الشركة الامريكية وقد قلبت لنا موظفة التسويق هنا في المؤسسة عقولنا بحجم الامتيازات وحلاوة العمل وروعته ومزاياه والتي على اساسها قبلنا لنفاجأ تماما انه قد غرر بنا وان غاية التشويق كانت فقط لتشجيعنا على السفر والذهاب وهو ما تم فعلا لنجد الواقع مغايرا تماما لبنود العقد الذي وقعناه».
وقال: «الشركة نصبت علينا فقد ابرمنا عقودا بشروط لم نجد ايا منها في العراق لقد عرضوا حياتنا للخطر وألزمونا على الخدمة في منطقة بعقوبة شديدة التدهور الامني وقالوا لنا اعملوا هناك ولكم ضعف الاجر، لم ندرك بحكم اننا مدنيون ولا خبرة عسكرية لنا اننا وافقنا على الذهاب الى اشد النقاط العسكرية التهابا وهو ما لم يوضح لنا، فلم توفر لنا الجاهزية الامنية ولم تؤخذ بحقنا رغم كبر عددنا اية احتياطات امنية لسلامتنا»، مضيفا بحرقة: «احد الشباب اصيب بشظية في قدمه واخرون اصيبوا بعوارض مرضية مزمنة ولما طلبنا المساعدة تنكروا لنا وتركوا مرضانا في حالة مزرية وكانت اجابتهم عند طلبنا الرعاية الصحية انها متوفرة لمن تبتر قدمه او يده فقط هذا عدا عن اقامتنا التي كانت في الخيم مع ان العقد ينص على وجود مساكن فضلا عن ساعات الدوام التي فاقت اتفاقنا».
وقال: «بعد هذه التجاوزات في شروط العقد والذي خلا تماما من اي ذكر لبند او نص للتأمين على حياتنا وبعد مرور 12 يوما على عملنا بتلك الظروف الخطرة ورفض القائمين على شؤوننا هناك الاستجابة قررنا الاضراب والتهديد بالعودة للاردن وبالفعل عدنا وتحملنا مصاريف الاقامة في بغداد وتكاليف السفر».
وقال ان المؤسسة الان ترفض الاستماع لمطالبنا او تعويضنا عن ايام عملنا هناك بحجة انها وسيط ليس اكثر وان موضوع التعويض مرتبط بيننا - كعمال - وبين الشركة الامريكية التي لا نعلم لها مكتبا ولا ندري لمسؤوليها مكانا ، مضيفا حول ما ينوون القيام به من اجراءات مستقبلية «سنخاطب كل اصحاب العلاقة لتحصيل حقوقنا ووقف العبث بمصير شبابنا والزج بهم الى مناطق الصراعات من اجل حفنة دولارات ، وعلى رأسهم النواب ووزارة العمل وان اقتضى الامر سنتوجه للديوان الملكي».
من جهته نفى يوسف القراعين المدير الاداري والمالي لمؤسسة تسويق الكفاءات ان تكون للمؤسسة اية صلة بالاوضاع التي تحدث عنها العمال مضيفا لـ «السبيل» ان المؤسسة عبارة عن وسيط تشغيل ليس اكثر وان العمال فهموا هذا الموضوع عبر اقرار مكتوب بيننا وبينهم. وقال ان المؤسسة ليس من سياستها اخذ ضمانات مسبقة من اية شركة ترغب بتوظيف اردنيين وان دورها يقتصر فقط على لعب دور الوسيط الذي يوصل العامل برب العمل.
وحول الالية التي يتعين على العمال اتباعها لتحصيل حقوقهم من الشركة الامريكية قال القراعين:«هذه ليست مشكلتنا هناك منسق للشركة يعمل حاليا على نقل المكتب الاقليمي لشركته من الكويت للاردن بامكانكم كصحافة وبامكانهم ايضا مراجعته عند مجيئه من السفر وهو السيد روبرت كلارك والتظلم اليه اما نحن فمسؤوليتنا تتوقف على ربط الطرفين فقط».
وكان عدد من العمال الذين التقتهم «السبيل» قد عبروا عن استيائهم من قيام الموظفة المختصة بشؤون الترويج لهذه الوظيفة والعاملة في قسم التسويق في المؤسسة بالاتصال مع ذويهم بين الفينة والاخرى واخبارهم ان ابناءهم مستمتعون بعملهم وان جميع ظروف وسبل الراحة محيطة بهم وان لا داعي للقلق عليهم بخلاف الواقع المرير الذي كانوا يعيشونه! فضلا عن استهجانهم مبالغة ذات الموظفة لكل متقدم للوظيفة - التي لا يزال باب الالتحاق بها مفتوحا - بالمزايا الوفيرة التي ستتحقق للعامل متى ما وقع العقد وقرر الالتحاق بالعمل.
يذكر بهذا الصدد ان مؤسسة تسويق الكفاءات كانت احدى اطراف القضية التي اشتهرت باسم «عمال البواخر» الذين تعرضوا قبل مدة للنصب والاحتيال من قبل احدى الشركات الاجنبية المتعاقدة مع عمال اردنيين وهو ما يفتح الباب للتساؤل حول من المسؤول عن حفظ حقوق العمالة الاردنية.
يشار الى ان مؤسسة تسويق الكفاءات هي الشركة المساهمة العامة الوحيدة في المملكة المختصة بهذا اللون من النشاط وهي جهد مشترك بين الحكومة والقطاع الخاص اضافة لبعض المساهمين العرب وتخضع لاشراف مباشر من وزارة العمل.