عن
رافع بن خديج قال
قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وفود
العرب . فلم يقدم علينا وفد أقسى قلوبا ، ولا أحرى أن لا يكون الإسلام يقر في قلوبهم - من بني حنيفة وكان مسيلمة مع الوفد
فلما انصرفوا إلى
اليمامة ادعى أن النبي صلى الله عليه وسلم أشركه في النبوة وكتب إليه من مسيلمة رسول الله إلى
محمد رسول الله . أما بعد فإني أشركت في الأمر معك ، وإنا لنا نصف الأرض ولقريش نصفها ، ولكن
قريش قوم يعتدون . فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وجد بعدو الله ضلاله بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأصفقت معه
بنو حنيفة على ذلك إلا أفذاذا من ذوي عقولهم . وكان من أعظم ما فتن به قومه شهادة الرجال بن عنفوة له بإشراك النبي صلى الله عليه وسلم إياه في الأمر . وكان الرجال من الوفد الذين قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم . فقرأ القرآن وتعلم السنن . قال
ابن عمر وكان من أفضل الوفد عندنا ، فكان أعظم فتنة على أهل
اليمامة من غيره لما كان يعرف به
قال
رافع بن خديج : كان بالرجال من الخشوع ولزوم قراءة القرآن والخير - فيما يرى - شيء عجيب " وكان ابن عمر اليشكري من أشرافهم وكان صديقا للرجال . وكان مسلما يكتم إسلامه . فقال شعرا . فشا في
اليمامة حتى كانت الوليدة والصبي ينشدونه
يا سعاد الفؤاد بنت أثال |
| طال ليلي بفتنة الرجال |
إنها يا سعاد من حدث الده |
| ر عليكم كفتنة الدجال |
فتن القوم بالشهادة والل |
| ه عزيز ذو قوة ومحال |
لا يساوي الذي يقول من الأ |
| مر قبالا وما احتذى من قبال |
إن ديني دين النبي وفي الق |
| وم رجال على الهدى أمثالي |
أهلك القوم محكم بن طفيل |
| ورجال ليسوا لنا برجال |
بز أمرهم مسيلمة اليوم |
| فلن يرجعوه أخرى الليالي |
قلت للنفس إذ تعاضمها الص |
| بر وساءت مقالة الأنذال |
ربما تجزع النفوس من الأمر |
| له فرجة كحل العقال |
إن تكن منيتي على فطرة الل |
| ه حنيفا فإنني لا أبالي |
فبلغ ذلك مسيلمة ومحكم وأشرافهم فطلبوه فقاتلهم . ولحق بخالد . فأخبره بحالهم . ودله على عوراتهم .
وعظمت فتنة
بني حنيفة بكذابهم . إذ كانوا يدعو لمريضهم ويبرك على مولودهم . ولا ينهاهم عن الاغترار به ما يريهم الله ما يحل به من الخيبة والخسران .
جاءه رجل بمولود فمسح رأسه . فقرع . وقرع كل مولود له .
وجاءه آخر فقال إني ذو مال . وليس لي مولود يبلغ سنتين حتى يموت إلا هذا المولود وهو ابن عشر سنين . ولي مولود ولد أمس . فأحب أن تبارك فيه وتدعو أن يطيل الله عمره . قال سأطلب لك . فرجع الرجل إلى منزله مسرورا . فوجد الأكبر قد تردى في بئر ووجد الأصغر في نزع الموت . فلم يمس ذلك اليوم حتى ماتا جميعا . وتقول أمهما : لا والله ما لأبي ثمامة عند إلهه منزلة محمد .
وحفرت
بنو حنيفة بئرا فاستعذبوها ، فأتوا مسيلمة . وطلبوا أن يبارك فيها ، فبصق فيها فعادت ملحا أجاجا .
وكان الصديق رضي الله عنه قد عهد إلى خالد - إذا فرغ من
أسد وغطفان والضاحية - أن يقصد
اليمامة ، وأكد عليه في ذلك . فلما أظفر الله خالدا بهم تسلل بعضهم إلى
المدينة ، يسألون أبا بكر أن يبايعه على الإسلام . فقال بيعتي لكم وأماني لكم أن تلحقوا بخالد . فمن كتب إلى خالد أنه حضر معه
اليمامة فهو آمن . وليبلغ شاهدكم غائبكم . ولا تقدموا علي .
قال ابن الجهم أولئك الذين لحقوا به هم الذين انكسروا بالمسلمين يوم
اليمامة ثلاث مرات وكانوا على المسلمين بلاء .
قال شريك الفزاري : كنت ممن شهد بزاخة مع عيينة بن حصن . ثم رزقني الله الإنابة فجئت أبا بكر . فأمرني بالمسير إلى خالد . وكتب معي إليه .
أما بعد " فقد جاءني كتابك ، تذكر ما أظفرك الله بأسد
وغطفان . وأنك سائر إلى
اليمامة . فاتق الله وحده لا شريك له . وعليك بالرفق بمن معك من المسلمين كن لهم كالوالد . وإياك يا ابن الوليد ونخوة بني المغيرة . فإني عصيت فيك من لم أعصه في شيء قط ، فانظر
بني حنيفة . فإنك لم تلق قوما يشبهونهم . كلهم عليك . ولهم بلاد واسعة . فإذا قدمت فباشر الأمر بنفسك . واستشر من معك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . واعرف لهم فضلهم . فإذا لقيت القوم . فأعد للأمور أقرانها . فإن أظفرك الله بهم فإياك والإبقاء عليهم . أجهز على جريحهم واطلب مدبرهم واحمل أسيرهم على السيف . وهول فيهم القتل . وخوفهم بالنار . وإياك أن تخالف أمري . والسلام