قال
ابن إسحاق : فأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أمر الله تعالى صابرا محتسبا ، مؤديا إلى قومه النصيحة على ما يلقى منهم من التكذيب والأذى والاستهزاء . وكان عظماء المستهزئين - كما حدثني
يزيد بن رومان ، عن
عروة بن الزبير خمسة نفر من قومهم وكانوا ذوي أسنان وشرف في قومهم . من بني
أسد بن عبد العزى بن
قصي بن كلاب :
الأسود بن المطلب بن أسد أبو زمعة ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - قد دعا عليه لما كان يبلغه من أذاه واستهزائه به فقال
اللهم أعم بصره وأثكله ولده
ومن
بني زهرة بن كلاب
:
الأسود بن عبد يغوث بن
وهب بن عبد مناف بن زهرة .
قال
ابن هشام : العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم ومن بني
خزاعة : الحارث ابن الطلاطلة بن
عمرو بن الحارث بن عبد عمرو بن لؤي بن ملكان .
قال
ابن إسحاق فحدثني
يزيد بن رومان ، عن
عروة بن الزبير ، أو غيره من العلماء
أن جبريل أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم يطوفون بالبيت فقام وقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جنبه فمر به الأسود بن المطلب فرمى في وجهه بورقة خضراء فعمي ومر به
الأسود بن عبد يغوث ، فأشار إلى بطنه فاستسقى فمات منه حبنا . ومر به
الوليد بن المغيرة فأشار إلى أثر جرح بأسفل كعب رجله كان أصابه قبل ذلك بسنين وهو يجر سبله وذلك أنه مر برجل من
خزاعة ، وهو يريش نبلا له فتعلق سهم من نبله بإزاره فخدش من رجله ذلك الخدش
وليس بشيء ، فانتقض به فقتله . ومر به العاص بن وائل فأشار إلى أخمص رجله وخرج على حمار له يريد
الطائف ، فربض به على شبارقة فدخلت في أخمص رجله شوكة فقتلته ومر به الحارث ابن الطلاطلة فأشار إلى رأسه فامتخض قيحا فقتله
.
عن المستهزئين وملكان
فصل
وذكر حديث المستهزئين الذين أنزل الله فيهم
إنا كفيناك المستهزئين [
الحجر : 95 ] وذكر فيهم الحارث ابن الطلاطلة والطلاطلة أمه قال أبو الوليد الوقشي ، والطلاطلة في اللغة الداهية قال أبو
عبيد : كل داء عضال فهو طلاطلة وذكر في نسبه عبد عمرو بن ملكان بالضبطين جميعا ، وفي حاشية كتاب الشيخ الحافظ أبي بحر قال قد تقدم من قول ابن حبيب النحوي أن الناس ليس فيهم ملكان بفتح الميم إلا
ملكان بن جرم بن زبان بن حلوان عمران بن الحاف بن
قضاعة ،
وملكان بن عباد بن عياض بن عقبة بن
السكون بن أشرس وإخوة عدي هم -
تجيب عرفوا بأمهم
تجيب بنت دهم بن
ثوبان ، وهم من
كندة ، وكل من في الناس وغيرهما ملكان مكسور الميم ساكن اللام وقال مشايخ
خزاعة : في
خزاعة ملكان بفتح الميم قال القاضي : يعني ابن حبيب ملكان بن أفصى بن حارثة بن ثعلبة بن
عمرو بن عامر ، وقال غير ابن حبيب كالذي يخرج من عبارته أن الذي في
خزاعة إنما هو ملكان بن أفصى مثل ملكان بن عدي بن عبد مناة من
الرباب الذين منهم ذو الرمة الشاعر ومثل ملكان بن عبد مناة من
الرباب أيضا رهط سفيان بن سعيد الثوري . وذكر في المستهزئين
الأسود بن عبد يغوث الزهري روى أنه
لما أنزل الله تعالى :
إنا كفيناك المستهزئين [
الحجر : 95 ] نزل
جبريل عليه السلام فحنا ظهر الأسود فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خالي خالي ، فقال له جبريل خل عنك ، ثم حناه حتى قتله
ذكره
الدارقطني .