قال الحسن في حديثه
فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومضى
جبريل عليه السلام معه حتى انتهى به إلى
بيت المقدس ، فوجد فيه إبراهيم
وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء فأمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بهم ثم أتي بإناءين في أحدهما : خمر وفي الآخر لبن . قال فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إناء اللبن فشرب منه وترك إناء الخمر . قال فقال له جبريل
هديت للفطرة وهديت أمتك يا محمد وحرمت عليكم الخمر
ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى
مكة ، فلما أصبح غدا على
قريش ، فأخبرهم
الخبر . فقال أكثر الناس هذا والله الأمر البين والله إن العير لتطرد شهرا من
مكة إلى
الشام مدبرة وشهرا مقبلة أفيذهب ذلك محمد في ليلة واحدة ويرجع إلى
مكة قال فارتد كثير ممن كان
أسلم ، وذهب الناس إلى أبي بكر فقالوا له هل لك يا أبا بكر في صاحبك ، يزعم أنه قد جاء هذه الليلة
بيت المقدس ، وصلى فيه ورجع إلى
مكة . قال فقال لهم أبو بكر إنكم تكذبون عليه فقالوا : بلى ، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس فقال أبو بكر
والله لئن كان قاله لقد صدق فما يعجبكم من ذلك ؟ فوالله إنه ليخبرني أن
الخبر ليأتيه من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه فهذا أبعد مما تعجبون منه
ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا نبي الله .
أحدثت هؤلاء القوم أنك أتيت المقدس هذه الليلة ؟ قال " نعم " ، قال يا نبي الله فصفه لي ، فإني قد جئته - قال الحسن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
فرفع لي حتى نظرت إليه " - فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصفه لأبي بكر ويقول أبو بكر صدقت ، أشهد أنك رسول الله كلما وصف له منه شيئا ، قال صدقت ، أشهد أنك رسول الله حتى انتهى ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر
وأنت يا أبا بكر الصديق ، فيومئذ سماه الصديق
فهذا حديث الحسن عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم . وما دخل فيه من حديث
قتادة الإسراء رؤيا قال
ابن إسحاق : وحدثني بعض
آل أبي بكر : أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول
ما فقد جسد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن الله أسرى بروحه
قال
ابن إسحاق : وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - يقول
تنام عيناي وقلبي يقظان
والله أعلم أي ذلك كان قد جاءه وعاين فيه ما عاين من أمر الله على أي حاليه كان نائما ، أو يقظان كل ذلك حق وصدق
أكان الإسراء يقظة أم مناما
وقد ذكر
ابن إسحاق عن
عائشة ومعاوية أنها كانت رؤيا حق ، وأن
عائشة قالت لم تفقد بدنه وإنما عرج بروحه تلك الليلة ويحتج قائل هذا القول بقوله سبحانه
وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس [ الإسراء 60 ] . ولم يقل الرؤية وإنما يسمى رؤيا ما كان في النوم في عرف اللغة ويحتجون أيضا بحديث
البخاري عن
أنس بن مالك قال ليلة أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مسجد
الكعبة أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في
المسجد الحرام ، فقال أولهم أيهم هو ؟ فقال أوسطهم هو هذا ، وهو خيرهم فقال آخرهم خذوا خيرهم فكان تلك الليلة فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخرى ، فيما يرى قلبه وتنام عينه ولا ينام قلبه وكذلك الأنبياء عليهم السلام تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم فلم يكلموه حتى احتملوه فوضعوه عند بئر
زمزم ، فتولاه منهم جبريل . الحديث بطوله وقال في آخره واستيقظ وهو في
المسجد الحرام ، وهذا نص لا إشكال فيه أنها كانت رؤيا صادقة
وقال أصحاب القول الثاني : قد تكون الرؤيا بمعنى الرؤية في اليقظة وأنشدوا للراعي يصف صائدا :
قالوا : وفي الآية بيان أنها كانت في اليقظة لأنه قال
وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ولو كانت رؤيا نوم ما افتتن بها الناس حتى ارتد كثير ممن
أسلم ، وقال الكفار : يزعم محمد أنه أتى
بيت المقدس ، ورجع إلى
مكة ليلته والعير تطرد إليها شهرا مقبلة وشهرا مدبرة ولو كانت رؤيا نوم لم يستبعد
أحد منهم هذا ، فمعلوم أن النائم قد يرى نفسه في السماء وفي المشرق والمغرب فلا يستبعد منه ذلك
واحتج هؤلاء أيضا بشربه الماء من الإناء الذي كان مغطى عند القوم ووجدوه حين أصبح لا ماء فيه وبإرشاده للذين ند بعيرهم حين أنفرهم حس الدابة وهو البراق حتى دلهم عليه فأخبر
أهل مكة بأمارة ذلك حتى ذلك الغرارتين السوداء والبرقاء كما في هذا الكتاب وفي رواية يونس أنه وعد قريشا بقدوم العير التي أرشدهم إلى البعير وشرب إناءهم وأنهم سيقدمون ويخبرون بذلك فقالوا : يا محمد متى يقدمون ؟ فقال " يوم الأربعاء " ، فلما كان ذلك اليوم ولم يقدموا ، حتى كربت الشمس أن تغرب فدعا الله فحبس الشمس حتى قدموا كما وصف قال ولم يحبس الشمس إلا له ذلك اليوم وليوشع بن نون وهذا كله لا يكون إلا يقظة
وذهبت طائفة ثالثة منهم شيخنا القاضي أبو بكر [ بن العربي ] رحمه الله إلى تصديق المقالتين وتصحيح الحديثين وأن الإسراء كان مرتين إحداهما : كان في نومه وتوطئة له وتيسيرا عليه كما كان بدء نبوته الرؤيا الصادقة ليسهل عليه أمر النبوة فإنه عظيم تضعف عنه القوى البشرية وكذلك الإسراء سهله عليه بالرؤيا ، لأن هوله عظيم فجاءه في اليقظة على توطئة وتقدمة رفقا من الله بعبده وتسهيلا عليه ورأيت المهلب في شرح
البخاري قد حكى هذا القول عن طائفة من العلماء وأنهم قالوا : كان الإسراء مرتين مرة في نومه ومرة في يقظته ببدنه - صلى الله عليه وسلم -
قال المؤلف وهذا القول هو الذي يصح ، وبه تتفق معاني الأخبار ألا ترى أنه قال في حديث أنس الذي قدمنا ذكره أتاه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه ومعلوم أن الإسراء كان بعد النبوة وحين فرضت الصلاة كما قدمنا في الجزء قبل هذا ، وقيل كان قبل الهجرة بعام ولذلك قال في الحديث فارتد كثير ممن كان قد
أسلم ، ورواة الحديثين حفاظ فلا يستقيم الجمع بين الروايتين إلا أن يكون الإسراء مرتين وكذلك ذكر في حديث أنس أنه لقي إبراهيم في السماء السادسة وموسى في السابعة وفي أكثر الروايات الصحيحة أنه رأى إبراهيم عند
البيت المعمور في السماء السابعة ولقي موسى في السادسة وفي رواية
ابن إسحاق أتي بثلاثة آنية أحدها ماء فقال قائل إن أخذ الماء غرق وغرقت أمته وفي إحدى روايات
البخاري في الجامع الصحيح أنه أتي بإناء فيه عسل ولم يذكر الماء والرواة أثبات ولا سبيل إلى تكذيب بعضهم ولا توهينهم فدل على صحة القول بأنه كان مرتين
وعاد الاختلاف إلى أنه كان كله حقا ، ولكن في حالتين ووقتين مع ما يشهد له من ظاهر القرآن فإن الله سبحانه يقول
" class="postlink" target="_blank" rel="nofollow">ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى
ثم قال
ما كذب الفؤاد ما رأى [ النجم 8 - 11 ] فهذا نحو ما وقع في حديث أنس من قوله فيما يراه قلبه وعينه نائمة والفؤاد هو القلب ثم قال أفتمارونه على ما يرى ولم يقل ما قد رأى ، فدل على أن ثم رؤية أخرى بعد هذه ثم قال
ولقد رآه نزلة أخرى أي في نزلة نزلها جبريل إليه مرة فرآه في صورته التي هو عليها
عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى قال يغشاها فراش من ذهب وفي رواية ينتثر منها الياقوت وثمرها مثل قلال
هجر ثم قال
ما زاغ البصر ولم يقل الفؤاد كما قال في التي قبل هذه فدل على أنها رؤية عين وبصر في النزلة الأخرى ، ثم قال
لقد رأى من آيات ربه الكبرى وإذا كانت رؤية عين فهي من الآيات الكبرى ، ومن أعظم البراهين
والعبر ، وصارت الرؤيا الأولى بالإضافة إلى الأخرى ليست من الكبر لأن ما يراه العبد في منامه دون ما يراه في يقظته لا محالة وكذلك قال في أكثر الأحاديث إنه رأى عند
سدرة المنتهى نهرين ظاهرين ونهرين باطنين وأخبره جبريل أن الظاهرين
النيل والفرات ،
وذكر في حديث أنس أنه رأى هذين النهرين في السماء الدنيا ، وقال له الملك هما
النيل والفرات ، أصلهما وعنصرهما ، فيحتمل أن يكون رأى في حال اليقظة منبعهما ، ورأى في
المرة الأولى النهرين دون أن يرى أصلهما والله أعلم .
فقد جاء في تفسير قوله تعالى :
وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض [ المؤمنون 18 ] أنهما
النيل والفرات أنزلا من الجنة من أسفل درجة منها على جناح جبريل ، فأودعهما بطون الجبال ثم إن الله سبحانه سيرفعهما ، ويذهب بهما عند رفع القرآن وذهاب الإيمان فلا يبقى على الأرض خير ، وذلك قوله تعالى :
وإنا على ذهاب به لقادرون وفي حديث مسند ذكره النحاس في المعاني بأتم من هذا فاختصره ووقع في كتاب المعلم للمازري قول
رابع في الجمع بين الأقوال قال كان الإسراء بجسده في اليقظة إلى
بيت المقدس ، فكانت رؤيا عين ثم أسري بروحه إلى فوق سبع سموات ولذلك شنع الكفار قوله وأتيت
بيت المقدس في ليلتي هذه ولم يشنعوا قوله فيما سوى ذلك .
شماس البراق
فصل ومما يسأل عنه في هذا الحديث شماس البراق حين ركبه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له جبريل
أما تستحيي يا براق فما ركبك عبد لله قبل محمد هو أكرم عليه منه
فقد قيل في نفرته ما قاله
ابن بطال في شرح الجامع الصحيح قال كان ذلك لبعد عهد البراق بالأنبياء وطول الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام وروى غيره في ذلك سببا آخر قال في روايته في حديث الإسراء قال جبريل لمحمد عليه السلام حين شمس به البراق لعلك يا محمد مسست
الصفراء اليوم فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ما مسها إلا أنه مر بها ، فقال تبا لمن يعبدك من دون الله وما مسها إلا لذلك وذكر هذه الرواية أبو سعيد
النيسابوري في شرف المصطفى ، فالله أعلم وقد جاء ذكر
الصفراء في
مسند البزار ، وأنها كانت صنما بعضه من ذهب فكسرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح وفي الحديث الذي خرجه الترمذي من طريق
بريدة الأسلمي أنه - عليه السلام - حين انتهى إلى
بيت المقدس ، قال جبريل بإصبعه إلى الصخرة فخرقها فشد بها البراق وصلى ، وأن حذيفة أنكر هذه الرواية وقال لم يفر منه وقد سخره له عالم الغيب والشهادة وفي هذا من الفقه على رواية بريدة التنبيه على الأخذ بالحزم مع صحة التوكل ، وأن الإيمان بالقدر كما - روي عن
وهب بن منبه - لا يمنع الحازم من توقي المهالك .
قال وهب : وجدته في سبعين كتابا من كتب الله القديمة وهذا نحو من قوله صلى الله عليه وسلم
قيدها وتوكل
فإيمانه صلى الله عليه وسلم بأنه قد سخر له كإيمانه بقدر الله وعلمه بأنه سبق في علم الكتاب ما سبق ومع ذلك كان يتزود في أسفاره ويعد السلاح في حروبه حتى لقد ظاهر بين درعين في
غزوة أحد . وربطه للبراق في حلقة الباب من هذا الفن وهو حديث صحيح وقد رواه غير بريدة ووقع في حديث
الحارث بن أبي أسامة من طريق أنس ومن طريق أبي سعيد وغيرهما أعني ربطه للبراق في الحلقة التي كانت تربطه فيها الأنبياء غير أن الحديث يرويه داود بن المحبر وهو ضعيف .
معنى قول الملائكة من معك
معنى قول الملائكة من معك ومما يسأل عنه قول الملائكة في كل سماء لجبريل من معك ، فيقول محمد فيقولون أوقد بعث إليه فيقول نعم هكذا لفظ الحديث في
الصحاح ، ومعنى سؤالهم عن البعث إليه فيما قال بعض أهل العلم أي قد بعث إليه إلى السماء كما قد وجدوا في العلم أنه سيعرج به ولو أرادوا بعثه إلى الخلق لقالوا : أوقد بعث ولم يقولوا إليه مع أنه يبعد أن يخفى عن الملائكة بعثه إلى الخلق فلا يعلمون به إلى ليلة الإسراء .
وفي الحديث الذي تقدم في هذا الكتاب بيان أيضا حين ذكر تسبيح ملائكة السماء السابعة ثم تسبيح ملائكة كل سماء ثم يسأل بعضهم بعضا : مم سبحتم حتى ينتهي السؤال إلى ملائكة السماء السابعة فيقولون قضى ربنا في خلفه كذا ، ثم ينتهي
الخبر إلى سماء الدنيا - الحديث بطوله وفي هذا ما يدل على أن الملائكة قد علمت بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - حين نبئ وإنما قالت أوقد بعث إليه أي قد بعث إليه بالبراق كما تقدم على أن في حديث أنس أن ملائكة سماء الدنيا قالت لجبريل أوقد بعث كما وقع في السيرة وليس في أول الحديث إليه هذا إنما جاء في حديث الرؤيا التي رآها بقلبه كما قدمنا ، وأن ذلك قبل أن يوحى إليه كما جاء في الحديث بعينه وفي هذا قوة لما تقدم من أن الإسراء كان رؤيا ، ثم كان رؤية ولذلك لم
نجد في رواية من الروايات أن الملائكة قالوا : أوقد بعث إليه إلا في ذلك الحديث فالله أعلم .
باب الحفظة
وذكر باب الحفظة وأن عليه ملكا يقال له إسماعيل وقد جاء ذكره في مسند الحارث وفيه أن تحت يده سبعون ألف ملك تحت يد كل ملك سبعون ألف ملك هكذا لفظ الحديث في رواية الحارث وفي رواية
ابن إسحاق : اثنا عشر ألف ملك هكذا لفظ الحديث وفي مسند الحارث أيضا .
وذكر
سدرة المنتهى ، فقال لو غطيت بورقة من ورقها هذه الأمة لغطتهم وفي صفتها من رواية الجميع فإذا ثمرها كقلال
هجر ، وفي حديث القلتين من كتاب الطهارة من رواية
ابن جريج : إذا كان الماء قلتين من قلال
هجر لم يحمل
الخبث قالوا : والقلتان منها تسعان خمسمائة رطل قال الترمذي : وذلك نحو من خمس قرب وفي تفسير ابن سلام قال عن بعض السلف إنها سميت
سدرة المنتهى ، لأن روح المؤمن ينتهي به إليها ، فتصلي عليه هنالك الملائكة المقربون . قال ذلك في تفسير عليين .
آدم في سماء الدنيا والأسودة التي رآها
فصل وفيه أنه رأى آدم في سماء الدنيا ، وعن يمينه أسودة وعن شماله أسودة وأن جبريل أعلمه أن الأسودة التي عن يمينه هم أصحاب اليمين وفي رواية
ابن إسحاق : تعرض عليه أرواح ذريته فإذا نظر إلى الذين عن يمينه ضحك وقد سئل عن هذا ، فقيل كيف رأى عن يمينه أرواح أصحاب اليمين ولم يكن إذ ذاك من أصحاب اليمين إلا نفر قليل ولعله لم يكن مات تلك الليلة منهم
أحد ، وظاهر الحديث يقضي أنهم كانوا جماعة . فالجواب أن يقال إن كان الإسراء رؤيا بقلبه فتأويلها أن ذلك سيكون وإن كانت رؤيا عين كما قال
ابن عباس وغيره بمعناه أن ذلك أرواح المؤمنين رآها هنالك لأن الله تعالى يتوفى الخلق في منامهم كما قال في التنزيل
الله يتوفى الأنفس حين موتها [ الزمر 43 ] فصعد بالأرواح إلى هنالك فرآها ثم أعيدت إلى أجسادها . وجواب آخر وهو أن أصحاب اليمين الذين ذكرهم الله تعالى في سورة المدثر في قوله تعالى :
إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين [ 39 : 45 ] .
قال
ابن عباس : هم الأطفال الذين ماتوا صغارا ، ولذلك سألوا المجرمين
ما سلككم في سقر لأنهم ماتوا قبل أن يعلموا بكفر الكافرين وقد ثبت في الصحيح أن أطفال المؤمنين والكافرين في كفالة إبراهيم عليه السلام
وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لجبريل حين رآهم في
الروضة مع إبراهيم من هؤلاء يا جبريل ؟ فقال أولاد المؤمنين الذين يموتون صغارا ، فقال له وأولاد الكافرين قال وأولاد الكافرين
خرجه
البخاري في الحديث الطويل من كتاب الجنائز وخرجه في موضع آخر فقال فيه أولاد الناس فهو في الحديث الأول نص ، وفي الثاني عموم وقد روي في أطفال الكافرين أنهم خدم لأهل الجنة فعلى هذا لا يبعد أن يكون الذي رآه عن يمين آدم من نسم ذريته أرواح هؤلاء وفي هذا ما يدفع تشعيب هذا السؤال والاعتراض منه .
من حكم الماء
فصل وفيه شربه من إناء القوم وهو مغطى ، والماء وإن كان لا يملك والناس شركاء فيه وفي النار والكلأ كما جاء في الحديث لكن المستقى إذا أحرزه في وعائه فقد ملكه فكيف استباح النبي صلى الله عليه وسلم شربه وهو ملك لغيره وأملاك الكفار لم تكن أبيحت يومئذ ولا دماؤهم . فالجواب أن
العرب في الجاهلية كان في عرف العادة عندهم إباحة الرسل لابن السبيل فضلا عن الماء وكانوا يعهدون بذلك إلى رعائهم ويشترطونه عليهم عند عقد إجارتهم ألا يمنعوا الرسل وهو اللبن من
أحد مر بهم وللحكم في
العرف في الشريعة أصول تشهد له وقد ترجم
البخاري عليه في كتاب البيوع وخرج حديث
هند بنت عتبة ، وفيه
خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف