قال
ابن إسحاق :
وبنو هاشم ،
وبنو المطلب في منزلهم الذي تعاقدت فيه
قريش عليهم في الصحيفة التي كتبوها ، ثم إنه قام في نقض تلك الصحيفة التي تكاتبت فيها
قريش على بني هاشم وبني المطلب نفر من
قريش ، ولم يبل فيها
أحد أحسن من بلاء هشام بن عمرو بن
ربيعة بن الحارث بن
حبيب بن نصر بن مالك بن حسل بن
عامر بن لؤي ، وذلك أنه كان ابن أخي
نضلة بن هاشم بن عبد مناف لأمه
فكان هشام لبني هاشم واصلا ، وكان ذا شرف في قومه فكان - فيما بلغني - يأتي بالبعير
وبنو هاشم وبنو المطلب في
الشعب ليلا ، قد أوقره طعاما ، حتى إذا أقبل به فم
الشعب ، خلع خطامه من رأسه ثم ضرب على جنبه فيدخل
الشعب عليهم ثم يأتي به قد أوقره بزا ، فيفعل به مثل ذلك .
قال
ابن إسحاق : ثم إنه مشى إلى
زهير بن أبي أمية بن المغيرة بن
عبد الله بن عمر بن مخزوم - وكانت أمه
عاتكة بنت عبد المطلب - فقال يا زهير أقد رضيت أن تأكل الطعام وتلبس الثياب وتنكح النساء وأخوالك حيث قد علمت ، لا يباعون ولا يبتاع منهم ولا ينكحون ولا ينكح إليهم ؟ أما إني أحلف بالله أن لو كانوا أخوال أبي الحكم بن هشام ثم دعوته إلى ما دعاك إليه منهم ما أجابك إليه أبدا ، قال ويحك يا هشام فماذا أصنع ؟ إنما أنا رجل واحد والله لو كان معي رجل آخر لقمت في نقضها حتى أنقضها ، قال قد وجدت رجلا قال فمن هو ؟ قال أنا ، قال له زهير أبغنا رجلا ثالثا .
فذهب إلى
المطعم بن عدي ، فقال له يا مطعم أقد رضيت أن يهلك بطنان من
بني عبد مناف ، وأنت شاهد على ذلك موافق لقريش فيه أما والله لئن أمكنتموهم من هذه لتجدنهم إليها منكم سراعا ، قال ويحك فماذا أصنع ؟ إنما أنا رجل واحد قال قد وجدت ثانيا ، قال من هو ؟ قال أنا ، قال أبغنا ثالثا ، قال قد فعلت ، قال من هو ؟ قال
زهير بن أبي أمية ، قال أبغنا رابعا
فذهب إلى أبي البختري بن هشام فقال له نحوا مما قال لمطعم بن عدي فقال وهل من
أحد يعين على هذا ؟ قال نعم قال من هو ؟ قال
زهير بن أبي أمية ،
والمطعم بن عدي ، وأنا معك ، قال أبغنا خامسا .
فذهب إلى
زمعة بن الأسود بن المطلب بن
أسد ، فكلمه وذكر له قرابتهم وحقهم فقال له وهل على هذا الأمر الذي تدعوني إليه من
أحد ؟ قال نعم ثم سمى له القوم . فاتعدوا [url=http://sirah.al-islam.com/places.asp?p=%ce%d8%e3% %c7%e1%cd%cc%e6%e4]خطم الحجون [/url]ليلا بأعلى
مكة ، فاجتمعوا هنالك فأجمعوا أمرهم وتعاقدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها ، وقال زهير أنا أبدؤكم فأكون أول من يتكلم .
فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم وغدا
زهير بن أبي أمية عليه حلة فطاف [url=http://sirah.al-islam.com/places.asp?p=%c7%e1%c8%ed%ca% %c7%e1%cd%d1%c7%e3]بالبيت [/url]سبعا ، ثم أقبل على الناس فقال
يأهل مكة
، أنأكل الطعام ونلبس الثياب
وبنو هاشم هلكى لا يباع ولا يبتاع منهم والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة .
قال
أبو جهل - وكان في ناحية
المسجد : كذبت والله لا تشق ، قال
زمعة بن الأسود : أنت والله أكذب ما رضينا كتابها حيث كتبت ، قال أبو البختري صدق زمعة لا نرضى ما كتب فيها ، ولا نقر به قال
المطعم بن عدي : صدقتما ، وكذب من قال غير ذلك نبرأ إلى الله منها ، ومما كتب فيها ، قال هشام بن عمرو نحوا من ذلك .
فقال أبو جهل هذا أمر قضي بليل تشوور فيه بغير هذا المكان
وأبو طالب جالس في ناحية
المسجد ، فقام
المطعم إلى الصحيفة ليشقها ، فوجد الأرضة قد أكلتها ، إلا : " باسمك اللهم " . وكان كاتب الصحيفة منصور بن
عكرمة . فشلت يده فيما يزعمون .
قال
ابن هشام : وذكر بعض أهل العلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي طالب
يا عم إن ربي الله قد سلط الأرضة على صحيفة
قريش ، فلم تدع فيها اسما هو لله إلا أثبتته فيها ، ونفت منه الظلم والقطيعة والبهتان " ، فقال أربك أخبرك بهذا ؟ قال " نعم " ، قال فوالله ما يدخل عليك
أحد ، ثم خرج إلى
قريش ، فقال يا معشر
قريش ، إن ابن أخي أخبرني بكذا وكذا ، فهلم صحيفتكم فإن كان كما قال ابن أخي ، فانتهوا عن قطيعتنا ، وانزلوا عما فيها ، وإن يكن كاذبا دفعت إليكم ابن أخي ، فقال القوم رضينا ، فتعاقدوا على ذلك ثم نظروا ، فإذا هي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فزادهم ذلك شرا
فعند ذلك صنع الرهط من
قريش في نقض الصحيفة ما صنعوا .
عن
الشعب ونقض الصحيفة
فصل
وذكر نقض الصحيفة وقيام هشام فيها ونسبه فقال هشام بن الحارث بن حبيب وفي الحاشية عن أبي الوليد إنما هو هشام بن عمرو بن
ربيعة بن الحارث ، وهكذا وقع نسبه في رواية يونس عن
ابن إسحاق ، وكان أبوه عمرو أخا
نضلة بن هاشم لأمه .
وذكر أنه كان يأتي بالبعير قد أوقره بزا بالزاي المعجمة وفي غير نسخة الشيخ أبي بحر برا ، وفي رواية يونس برا أو برا على الشك من الراوي . وذكر أن منصور بن
عكرمة كان كاتب الصحيفة فشلت يده وللنساب من
قريش في كاتب الصحيفة قولان أحدهما : أن كاتب الصحيفة هو
بغيض بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار ، والقول الثاني : أنه
منصور بن عبد شرحبيل بن هاشم من
بني عبد الدار أيضا ، وهو خلاف قول
ابن إسحاق ، ولم يذكر الزبير في كاتب الصحيفة غير هذين القولين والزبيريون أعلم بأنساب قومهم
وذكر ما أصاب المؤمنين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في
الشعب من ضيق الحصار لا يبايعون ولا يناكحون وفي الصحيح أنهم جهدوا حتى كانوا يأكلون الخبط وورق السمر حتى إن أحدهم ليضع كما تضع الشاة وكان فيهم
سعد بن أبي وقاص .
روي أنه قال
لقد جعت ، حتى إني وطئت ذات ليلة على شيء رطب فوضعته في فمي وبلعته ، وما أدري ما هو إلى الآن
وفي رواية يونس أن سعدا قال
خرجت ذات ليلة لأبول فسمعت قعقعة تحت البول فإذا قطعة من جلد بعير يابسة فأخذتها وغسلتها ، ثم أحرقتها ثم رضضتها ، وسففتها بالماء فقويت بها ثلاثا
وكانوا إذا قدمت العير
مكة يأتي أحدهم السوق ليشتري شيئا من الطعام لعياله فيقوم
أبو لهب عدو الله فيقول يا معشر التجار غالوا على أصحاب محمد حتى لا يدركوا معكم شيئا ، فقد علمتم ما لي ووفاء ذمتي ، فأنا ضامن أن لا خسار عليكم فيزيدون عليهم في السلعة قيمتها أضعافا ، حتى يرجع إلى أطفاله وهم يتضاغون من الجوع وليس في يديه شيء يطعمهم به ويغدو التجار على
أبي لهب ، فيربحهم فيما اشتروا من الطعام واللباس حتى جهد المؤمنون ومن معهم جوعا وعريا ،
وهذه إحدى الشدائد الثلاث التي دل عليها تأويل الغطات الثلاث التي غطه جبريل حين قال له
اقرأ قال ما أنا بقارئ
وإن كان ذلك كان في اليقظة ولكن مع ذلك له في مقتضى الحكمة تأويل وإيماء وقد تقدمت الإشارة إلى هذا قبل وإلى آخر حديث الصحيفة ليس فيها ما يشكل .